مبادیء تحلیل النص القصصی
إن الخریطة المرسومة أو المنهج المتّبع لدراسة النص القصصی یبتنی علی ثلاث مراحل هی:
1- مرحلة قراءة النص القصصی و ملاحظته و تفهّمه.
2- مرحلة النظر إلی العناصر الخارجیة المکونة للنص القصصی و تأطیره بین الانفتاح و الانغلاق.
3- مرحلة التحلیل الأدبی ذات الصبغة المنهجیة.
وبما أن هذه المراحل مادامت لم تُوضّح ستظل مجرد عناوین لا تعنی شیئا کثیرا، فمن الضروری أن نُتبِعَها ببعض التعریفات إیضاحا لها، و فی نفس الوقت نؤکد علی أننا لا یسعنا فی هذا العرض الدخول فی تفصیل الموضوعات ممثلة بنماذج توضیحا لها.
1- المرحلة الأولی: مرحلة قراءة النص القصصی و ملاحظته و تفهّمه
علی دارس النص القصصی قبل کل شیء أن یقرأ النص القصصی قراءة واعیة تجعله یتفهم النص و یسلط علیه الأضواء من ناحیة الحدث الرئیس فی القصة حیث تتمحور حوله الشخصیات و الأحداث الجزئیة الأخری، و أن یحدد الإشکالیة التی تعالجها القصة عن طریق صیاغة أسئلة تفرع الإشکالیة و تحدد المسار المنهجی للقراءة، ثم علیه تحدید طبیعة القصة بین الواقعیة و الخیالیة و الاجتماعیة و النفسیة، و ملاحظتها من أجل تعیین النوع القصصی. و کم نحن بحاجة إلی تعریفات دقیقة لأنواع الأدب القصصی مثل الروایة – القصة – القصة القصیرة – الحکایة و... . فما الذی یمیز مثلا الروایة عن القصة أو القصة القصیرة عن الحکایة؟ فهل مقیاس الطول و القصر الذی تشیر إلیه تسمیة «الروایة» أو «القصة القصیرة» هو مقیاس کاف؟
فالتعریفات التي نحن بجاجة إلیها لابد أن تکون مبنیة علی مقاییس و مبادیء تسهم في وضع تعریف دقیق للأنواع القصصیة. فمثلاً الوصف في القصة القصیرة التي تخضع للترکیز علی موضوع أو حدث خاص یختلف عن الوصف في الروایة، أو الزمان مثلاً یختلف باختلاف الأنواع القصصیة فإذا شملت الروایة قسماً کبیراً من حیاة الشخصیات نری أن القصة القصیرة ترکزّ علی مرحلة متأزمة من حیاة الشخصیة؛ و هکذا الشخصیات و الأمکنة فإنهما تتسعان و تتحددان بالنسبة للأنواع القصصیة المختلفة، کما أن لکل منها أسلوباً خاصاً.
2- المرحلة الثانیة : مرحلة النظر إلی العناصر الخارجیة المکونة للنص القصصي و تأطیره بین الانفتاح و الانغلاق
علی الدراس في هذه المرحلة دراسة حیاة الکاتب و بیئته و المؤثرات الفاعلة في إنتاجه للعمل القصصي. و لعلنا لا نغالي إذا قلنا إن أکثر الدراسات هي من قبیل الدراسات الأدبیة التاریخیة. فکثیر من الدارسین یسارعون إلی جمع معلومات عن صاحب العمل الأدبي و عن شخصیته و ثقافته و الظروف المحیطة بإنتاجه الأدبي، و غالباً ما یطغی هذا الجانب علی الدراسة فتتورم بسیل من التفاصیل ینسی معها القاریء هدف الدراسة؛ و ما یحدث في أغلب الأحیان هو هذه العلاقة الدائریة: نتعرف إلی حیاة الکاتب و بیئته من خلال أدبه، و نتعرف إلی أدب الکاتب من خلال حیاته و بیئته، و بناء علی هذه العلاقة الدائریة صارت من المسلمات مقولتا «الأدب هو الحیاة» و «الکاتب ابن بیئته».
وقد وقف المنهج البنیوي[10] أو النزعة البنیانیة في الأدب في وجه هیمنة الدراسة التاریخیة مطالبة بحصر الدراسة في حدود النص و داخله دون الاستطراد إلی حیاة منتجه و بیئته حیث حرّمت علی الدراس التمسک بأیة سبب خارج عن النص في دراسته، و في المقابل دعت إلی تحلیل النص الأدبي انطلاقاً من شبکة العلاقات التي یقوم علیها داخلیاً، فقد رأی البنیویون أن سرّ العمل الأدبي موجود في بنیته الداخلیة لا خارج هذه البنیة[11]، فموقفهم هذا قد استخّف بعمل مؤرخ الأدب و فقیه اللغة. و یجب الاعتراف للنزعة البنیویة بالفضل في کبح جموح الدراسات التاریخیة و في نقل مرکز الثقل في دراسة الأدب إلی داخل النص بدلاً من إبقائه في دائرة الظروف المحیطة بعملیة إنتاجه، غیر أن موقف البنیویة هذا ملطخ بردة الفعل فهو یردّ علی غلو المدرسة التاریخیة بغلوّ في الاتجاه المعاکس، فلیس خطر الانغلاق الکامل في دراسة العمل الأدبي یقلّ عن خطر ضیاع الدراسة في العمومیات و التفاصیل الخارجیة.
ولکي یحسم الدراس هذه القضیة، لا بدّ له أن یحدد تحدیداً دقیقاً غایته من الدراسة الأدبیة، فإذا کان یقصد التعریف بأدیب مغمور فلا بدّ من أن تکون حصة الدراسة الخارجیة أکثر، و إذا کان ینوي دراسة قصة أو روایة أو حکایة، فعلیه أن یجعل العمل الأدبي نفسه مرکز الثقل، لا أن یهشّ دراسته بسیل من التفاصیل التی لا تمّت بصلة بصمیم موضوع الدراسة و صلبها، فدارس الأدب همّه الأول دراسة الإنتاج الأدبي لا ما یحیط به.
ومن المؤسف نری الیوم أن ما یحدث في الواقع خاصة في ایران في مجال الدراسات الأدبیة ذات الصبغة التحلیلة - علی الأقل في تسمیة عنوان الدراسة - هو سوء استعمال المعلومات الکثیرة التي لا تتعلق بکثیر بالعمل الأدبي، فهناک قلة بل أقل من الدراسین الذین یحسنون استعمال المواد الغزیرة من المعلومات التي جمعوها؛ فبإمکان الدارس أن یعرف الکثیر الکثیر من التفاصیل التاریخیة، و لکن المنهج السلیم یحرّم علیه استعمال أیّ تفصیل لا تکون الدراسة الداخلیة بحاجة إلیه. فالمعرفة التاریخیة لیست سوی خادمة لدراسة النص، لکن هیمنة الممارسات المغلوطة جعلت التفاصیل رأساً و النص مرؤوساً.
ویستنتج من هذا الإسهاب هو أن العلاقة بین الدراسة الداخلیة و الدراسة الخارجیة لیست علاقة تعارض، إذا وقع کل منهما موقعه في تحلیل الأدب، فهما مکمّلان و التعامل بینهما ضروري.
إن الخریطة المرسومة أو المنهج المتّبع لدراسة النص القصصی یبتنی علی ثلاث مراحل هی:
1- مرحلة قراءة النص القصصی و ملاحظته و تفهّمه.
2- مرحلة النظر إلی العناصر الخارجیة المکونة للنص القصصی و تأطیره بین الانفتاح و الانغلاق.
3- مرحلة التحلیل الأدبی ذات الصبغة المنهجیة.
وبما أن هذه المراحل مادامت لم تُوضّح ستظل مجرد عناوین لا تعنی شیئا کثیرا، فمن الضروری أن نُتبِعَها ببعض التعریفات إیضاحا لها، و فی نفس الوقت نؤکد علی أننا لا یسعنا فی هذا العرض الدخول فی تفصیل الموضوعات ممثلة بنماذج توضیحا لها.
1- المرحلة الأولی: مرحلة قراءة النص القصصی و ملاحظته و تفهّمه
علی دارس النص القصصی قبل کل شیء أن یقرأ النص القصصی قراءة واعیة تجعله یتفهم النص و یسلط علیه الأضواء من ناحیة الحدث الرئیس فی القصة حیث تتمحور حوله الشخصیات و الأحداث الجزئیة الأخری، و أن یحدد الإشکالیة التی تعالجها القصة عن طریق صیاغة أسئلة تفرع الإشکالیة و تحدد المسار المنهجی للقراءة، ثم علیه تحدید طبیعة القصة بین الواقعیة و الخیالیة و الاجتماعیة و النفسیة، و ملاحظتها من أجل تعیین النوع القصصی. و کم نحن بحاجة إلی تعریفات دقیقة لأنواع الأدب القصصی مثل الروایة – القصة – القصة القصیرة – الحکایة و... . فما الذی یمیز مثلا الروایة عن القصة أو القصة القصیرة عن الحکایة؟ فهل مقیاس الطول و القصر الذی تشیر إلیه تسمیة «الروایة» أو «القصة القصیرة» هو مقیاس کاف؟
فالتعریفات التي نحن بجاجة إلیها لابد أن تکون مبنیة علی مقاییس و مبادیء تسهم في وضع تعریف دقیق للأنواع القصصیة. فمثلاً الوصف في القصة القصیرة التي تخضع للترکیز علی موضوع أو حدث خاص یختلف عن الوصف في الروایة، أو الزمان مثلاً یختلف باختلاف الأنواع القصصیة فإذا شملت الروایة قسماً کبیراً من حیاة الشخصیات نری أن القصة القصیرة ترکزّ علی مرحلة متأزمة من حیاة الشخصیة؛ و هکذا الشخصیات و الأمکنة فإنهما تتسعان و تتحددان بالنسبة للأنواع القصصیة المختلفة، کما أن لکل منها أسلوباً خاصاً.
2- المرحلة الثانیة : مرحلة النظر إلی العناصر الخارجیة المکونة للنص القصصي و تأطیره بین الانفتاح و الانغلاق
علی الدراس في هذه المرحلة دراسة حیاة الکاتب و بیئته و المؤثرات الفاعلة في إنتاجه للعمل القصصي. و لعلنا لا نغالي إذا قلنا إن أکثر الدراسات هي من قبیل الدراسات الأدبیة التاریخیة. فکثیر من الدارسین یسارعون إلی جمع معلومات عن صاحب العمل الأدبي و عن شخصیته و ثقافته و الظروف المحیطة بإنتاجه الأدبي، و غالباً ما یطغی هذا الجانب علی الدراسة فتتورم بسیل من التفاصیل ینسی معها القاریء هدف الدراسة؛ و ما یحدث في أغلب الأحیان هو هذه العلاقة الدائریة: نتعرف إلی حیاة الکاتب و بیئته من خلال أدبه، و نتعرف إلی أدب الکاتب من خلال حیاته و بیئته، و بناء علی هذه العلاقة الدائریة صارت من المسلمات مقولتا «الأدب هو الحیاة» و «الکاتب ابن بیئته».
وقد وقف المنهج البنیوي[10] أو النزعة البنیانیة في الأدب في وجه هیمنة الدراسة التاریخیة مطالبة بحصر الدراسة في حدود النص و داخله دون الاستطراد إلی حیاة منتجه و بیئته حیث حرّمت علی الدراس التمسک بأیة سبب خارج عن النص في دراسته، و في المقابل دعت إلی تحلیل النص الأدبي انطلاقاً من شبکة العلاقات التي یقوم علیها داخلیاً، فقد رأی البنیویون أن سرّ العمل الأدبي موجود في بنیته الداخلیة لا خارج هذه البنیة[11]، فموقفهم هذا قد استخّف بعمل مؤرخ الأدب و فقیه اللغة. و یجب الاعتراف للنزعة البنیویة بالفضل في کبح جموح الدراسات التاریخیة و في نقل مرکز الثقل في دراسة الأدب إلی داخل النص بدلاً من إبقائه في دائرة الظروف المحیطة بعملیة إنتاجه، غیر أن موقف البنیویة هذا ملطخ بردة الفعل فهو یردّ علی غلو المدرسة التاریخیة بغلوّ في الاتجاه المعاکس، فلیس خطر الانغلاق الکامل في دراسة العمل الأدبي یقلّ عن خطر ضیاع الدراسة في العمومیات و التفاصیل الخارجیة.
ولکي یحسم الدراس هذه القضیة، لا بدّ له أن یحدد تحدیداً دقیقاً غایته من الدراسة الأدبیة، فإذا کان یقصد التعریف بأدیب مغمور فلا بدّ من أن تکون حصة الدراسة الخارجیة أکثر، و إذا کان ینوي دراسة قصة أو روایة أو حکایة، فعلیه أن یجعل العمل الأدبي نفسه مرکز الثقل، لا أن یهشّ دراسته بسیل من التفاصیل التی لا تمّت بصلة بصمیم موضوع الدراسة و صلبها، فدارس الأدب همّه الأول دراسة الإنتاج الأدبي لا ما یحیط به.
ومن المؤسف نری الیوم أن ما یحدث في الواقع خاصة في ایران في مجال الدراسات الأدبیة ذات الصبغة التحلیلة - علی الأقل في تسمیة عنوان الدراسة - هو سوء استعمال المعلومات الکثیرة التي لا تتعلق بکثیر بالعمل الأدبي، فهناک قلة بل أقل من الدراسین الذین یحسنون استعمال المواد الغزیرة من المعلومات التي جمعوها؛ فبإمکان الدارس أن یعرف الکثیر الکثیر من التفاصیل التاریخیة، و لکن المنهج السلیم یحرّم علیه استعمال أیّ تفصیل لا تکون الدراسة الداخلیة بحاجة إلیه. فالمعرفة التاریخیة لیست سوی خادمة لدراسة النص، لکن هیمنة الممارسات المغلوطة جعلت التفاصیل رأساً و النص مرؤوساً.
ویستنتج من هذا الإسهاب هو أن العلاقة بین الدراسة الداخلیة و الدراسة الخارجیة لیست علاقة تعارض، إذا وقع کل منهما موقعه في تحلیل الأدب، فهما مکمّلان و التعامل بینهما ضروري.
الجمعة 02 مارس 2012, 05:08 من طرف د.بوفولة بوخميس
» مفهوم السرد
الجمعة 15 أكتوبر 2010, 14:06 من طرف حس
» سنة دراسية موفقة للجميع
الخميس 23 سبتمبر 2010, 10:38 من طرف missalam
» طلب مساعدة من طلبة علم الاجتماع بفاس سايس.
الأحد 12 سبتمبر 2010, 04:34 من طرف bahansen
» استعمــــال الزمــــــــن 5+6 عربية
الأحد 13 سبتمبر 2009, 03:51 من طرف Admin
» مقرر تنظيم السنة الدراسية 2010 ـ 2009
الأحد 13 سبتمبر 2009, 03:48 من طرف Admin
» مبادیء تحليل النص القصصی 09
الأحد 09 أغسطس 2009, 17:17 من طرف jam
» مبادیء تحليل النص القصصی 08
الأحد 09 أغسطس 2009, 17:15 من طرف jam
» مبادیء تحليل النص القصصی 07
الأحد 09 أغسطس 2009, 17:12 من طرف jam